كرة القدم معقدة أكثر مما يتصور أي إنسان ، فهي رياضة وتكتيك من جهة، وعلم نفس من جهة ثانية، وتجارة واقتصاد من جهة ثالثة، وسياسة من جهة رابعة، وفساد من جهة خامسة عندما ننظر إلى بعض الاتحادات الدولية!
يوم أمس كتب صديقي وزميلي خلدون موسى مقالاً رأى فيه الوجه الأخر لرونالدو الذي لا يراه إلا كارهو أغلى لاعب في العالم حتى الآن، حيث رأى الزميل وهذا حقه أن وجه رونالدو الأخر هو الطمع، أي يجوز قتله حسب خطايا فيلم “seven” السبعة. (اقرأ المقال هنا)
وجهة نظر خلدون مشروعة فهو يرى ذلك، لكنه نسي أو تناسى تقاريراً تحدثت عن رغبة ليونيل ميسي بتجديد عقده بعد 6 شهور من تجديد عقده الذي جدده بعد عقد لم يستمر سنة هو الأخر ولا أعرف متى جدد ذلك العقد قبل أن يجدد عقداً سبقه… كم جدد قلت ولم يجد فيها الزميل طمعاً؟، ليونيل ميسي في طريقه للحصول على 3 عقود خلال عامين، ولو أننا آمنا بمنطق المقال الذي كتبه زميلي فميسي يصبح سيد الطماعين، لكن الحكاية مختلفة جداً.
بالنسبة للاعب كرة القدم، الراتب ليس معياراً أبداً للمال والطمع عندما يكون في قمة نجوميته، الراتب معيار للأهمية وعكس لقيمة اللاعب، لذلك عندما يطلب ميسي رفع أجره بشكل أكبر من نيمار ويفعل الأمر رونالدو فهذا ليس طمعاً من قبل الاثنين، بل هو طلب لعكس الأهمية، ويجب أن نفهم نحن أصحاب “عشرات الدولارات” قيمة المليون عند هؤلاء تختلف جداً عن قيمة مليون عندنا، فالمال لم يعد لنجوم مثل هؤلاء معيار التحرك الآن، فميسي ورونالدو ضمنا مستقبلهما بشكل كبير بتوظيف أموالهم في التجارة بشكل أذكى من الجيل الذي سبقهم.
لو طلب رونالدو ضعف أجر غاريث بيل فهذا حقه لأنه يريد أن يؤكد للعالم بأنه ما زال الأهم في ريال مدريد بل يريد أن يتأكد إن كان هو الأهم بالنسبة للإدارة أيضاً، ولو طلب ليونيل ميسي عقداً كل شهرين فهذا حقه ليؤكد مدى أهميته للنادي بعد جلب لاعب كبير مثل نيمار وإلا فإن هناك من هو مستعد لتقديم عقد جديد له كل صباح مع وجبة الإفطار.
يصبح اللاعب طماعاً لو قرر رونالدو الذهاب للعب مع أنجي في داغستان بعيداً عن كل البطولات والطموحات من أجل المال، ويصبح ميسي طماعاً لو قرر اللعب مع نادي بونديكور عندما كان يملك المال فقط من أجل راتب أعلى، ولكن ليس بهذه الحالة التي نتحدث عنها.
الموظفون في مجلس إدارة شركة يفهمون ما يجري مع ميسي ورونالدو أكثر، فالراتب بالنسبة لهؤلاء لا يعد مسألة مالية بقدر ما هي معنوية، لأن ما يتقاضوه يكفيهم ويؤسس لمستقبل جيد لهم، لكنهم سينزعجون في حال وجدوا أنفسهم يتقاضون أقل من غيرهم لأن هذا يعني أن الشركة ترى الأخرين أهم.. المسألة ليست طمع، بل أهمية!
تابع الكاتب على تويتر والفيسبوك:
منقول من الراتب ليس معيار طمع ميسي أو رونالدو
No comments:
Post a Comment