عندما أعلنت قرعة دور الثمانية لدوري أبطال اوروبا عن وقوع ريال مدريد ضد غلاطة سراي، كانت فرحة أنصار النادي الملكي عارمة على اعتبار أن الفريق التركي هو أضعف الثمانية المتأهلين، وأن حلم تحقيق العاشرة بات أقرب ما يكون من رجال جوزيه مورينيو.
المدرب البرتغالي مشهور بلقب “السبيشال وان”، لكن هذا اللقب ليس حكراً على مورينيو فحسب، لان في اسطنبول هناك رجل سبيشال آخر يعشقه أنصار غلاطة سراي، ويلقبونه “الامبراطور” فتيح تيريم، أبرز مدرب في تاريخ الكرة التركية.
ربما سيمتعض البعض من مقارنة مورينيو بتيريم، وربما سيرى البعض الآخر اجحافاً بحق الريال بان ينتقص من فرصته الذهبية في التأهل كون غلاطة لا يمثل تهديداً له، لكن ليس الجميع في العالم يرى من المنظار نفسه الذي يرتديه أنصار النادي الملكي، خصوصاً أنصار غلاطة الذين يعتبرون “الامبراطور” لا يقل حنكة ودهاء عن نظيره “السبيشال وان”، ففتيح تيريم أنجح مدرب في تاريخ النادي التركي، وهو معروف بثورته التكتيكية وأسلوبه الفريد في استخراج أفضل ما لدى نجومه، فخلال ثلاث فترات متقطعة درب فيها غلاطة سراي، أحرز معه 5 بطولات دوري وكأسين محليتين وكأس الاتحاد الاوروبي، كأول وآخر فريق تركي يحرز لقباً قارياً.
غلاطة سراي قبل الموسم الماضي لم يحرز اللقب المحلي على مدى أربع سنوات متالية، في وقت كان تيريم يدرب فيها المنتخب التركي، وقاده الى نصف نهائي كأس الامم الاوروبية 2008، لكن عندما اشتدت الامور وتأزمت الحال، لجأ غلاطة للمرة الثالثة لمنقذه، فعاد تيريم رسمياً في مطلع يناير 2012 حيث كان الفريق يحتل المركز الثامن، وكان منافسه التقليدي فناربخشة المرشح الأقوى لاحراز اللقب، لكن في نهاية الموسم قلب تيريم حال الفريق ونجح في احراز اللقب بفارق 9 نقاط عن أقرب منافسيه، وأعاد الفريق مجدداً الى مسابقة دوري أبطال اوروبا.
هذا السحر الذي يضفيه تيريم على الفريق ليس وليد صدفة، فهو ما زال معشوق جماهير فيورنتينا عندما دربه لثلاثة أرباع موسم في 2000-2001، مثلما كانت تجربته مع الميلان مقبولة، فهو اشتهر بشراسته الهجومية وقوة لاعبيه البدنية، وابرز دليل ان هداف المسابقة حتى الآن ليس كريستيانو رونالدو ولا ليونيل ميسي بل بوراك يلماظ الموهبة الرائعة التي اكتشفها تيريم، وضمه في مطلع الموسم الجاري من طرابزون سبور، وهو يتألق الى جانب الفيل الايفواري ديدييه دروغبا وصانع الالعاب الهولندي ويسلي شنايدر.
“مورينيو الآخر” هو صديق لـ”تيريم الآخر”، أي ان تيريم ومورينيو تربطهما علاقة صداقة قوية تعود سنوات، حتى ان تيريم نفسه يصف مورينيو بـ”ليس مدرباً عادياً… هو مختلف”. ورغم فارق السنوات التسع بينهما (تيريم 59 عاماً ومورينيو 50 عاماً)، الا ان العقلية تعود الى مدرسة ابداعية واحدة.
كثيرون يتوقعون ان يرتعد غلاطة سراي خوفاً من لقاء الريال، لكن تيريم لم يكترث، بل أكد انه لن يغير أسلوب لعب الفريق المعتاد ولا خطته، ولن يمنح كريستيانو رونالدو معاملة خاصة، لان هناك مواهب لا تقل روعة في الريال مثل أوزيل ودي ماريا.
منطقياً، يظل الريال مرشحاً بقوة للتأهل الى نصف النهائي، لكن بسبب وجود مدرباً مثل تيريم، أعتقد انه اذا لم يحسم الريال تأهله في الذهاب في أرضه، فان “جهنم” التي يستقبل فيها أنصار غلاطة زوارهم عادة ستكون اختباراً حقيقياً للقدرة على تحقيق العاشرة.
هناك من يثق ثقة عمياء بـ”السبيشال وان”، وهناك من يسير مكفوفي الأعين خلف “الامبراطور”.
منقول من في عالم بعيد عن مدريد… هناك مورينيو آخر في اسطنبول!
No comments:
Post a Comment